إنفوجرافيكتقارير

كيف ستؤثر صفقة إيلون ماسك على تويتر؟

بعد أسابيع من التكهنات حول مستقبل موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، أثارها إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، بتقديمه عرض استحواذ على أسهم تويتر في 14 أبريل الجاري، وافق موقع تويتر على طلب ماسك في صفقة قيمتها 44 مليار دولار، ليصبح الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للسيارات الكهربائية مسؤولاً عن الموقع الذي يضم 217 مليون مستخدم نشط يوميًّا حول العالم، ويلعب دورًا مؤثرًا في تشكيل الأجندة السياسية والإعلامية على جانبي المحيط الأطلسي.

وبينما من المستبعد أن تواجه الصفقة تدقيقًا من سلطات المنافسة الأمريكية لأن المصالح التجارية الرئيسية لماسك – شركة  تسلا، وشركة صناعة الصواريخ سبيس إكس وشركة “ذا بورنغ” للبنية التحتية – لا تتنافس مع تويتر، فعلى الأرجح ستستقطب الصفقة تعليقًا من السياسيين والهيئات الانتخابية؛ نظرًا لتأثير تويتر كمصدر للمعلومات وموقف ماسك من حرية التعبير، لا سيما مع إعلانه عن إصلاحات مرتقبة لتويتر تحت قيادته، تشمل تغييرات في الإشراف على المحتوى، مؤكدًا أنه سيطلق حرية التعبير.

وخلال التقرير التالي نسلط الضوء على التداعيات المحتملة لتلك الصفقة:

  • دوافع إيلون ماسك للاستحواذ على تويتر

أكد إيلون ماسك أنه يريد إفساح المجال أمام حرية التعبير في حدود القانون عبر تويتر، الذي يراه مكانًا أساسيًّا لمشاركة وجهات النظر، مشددًا على أنه لا يهتم بالاقتصاد تمامًا في تلك الصفقة، ولا يُعير اهتمامًا لمسألة كسب الأموال من وراء تويتر. ولم يذكر ماسك ما إذا كان سيرفع الحظر الدائم المفروض على الرئيس السابق دونالد ترامب منذ اقتحام أنصاره مبنى الكونجرس الأمريكي في 6 يناير 2021، لكنه أشار إلى أنه يعتقد أن تويتر يجب أن يكون حذرًا للغاية في عمليات الحظر الدائمة.

وقد أعرب منتقدو خطة ماسك عن مخاوفهم من أنه سيسمح بنشر محتوى متطرف على الموقع، الأمر الذي يكافح تويتر وشركات التواصل الاجتماعي الأخرى للقضاء عليه تمامًا.

من جهة أخرى، لا تزال الصفقة بحاجة إلى وضع اللمسات الأخيرة، وهي عملية قد تستغرق أسابيع أو شهورًا. وبموجب القانون الفيدرالي، سيتعين على ماسك إخطار المنظمين في لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل الأمريكية بخططه لشراء تويتر. وكان ماسك قد تعهد عند الإعلان عن عرض الاستحواذ بجعل المنصة شركة خاصة، معتبرًا أن هذا سيؤدي إلى ازدهار تويتر.

كما شدّد ماسك على أنه يريد الاحتفاظ بأكبر عدد من المساهمين يسمح به القانون، غير أنه أحجم عن توضيح خططه لما سيبدو عليه فريق القيادة أو مجلس الإدارة المحتمل، لذلك لا يزال هناك الكثير من الأسئلة المفتوحة حول مدى التأثير المباشر الذي يمكن أن يمارسه ماسك.

  • التعديلات المحتملة على تويتر

من المحتمل أن يكون استحداث زر للتعديل أكثر الميزات المرتقبة على تويتر، فالمنصة التي تسمح بكتابة تغريدة حدها الأقصى 280 حرفًا لا تتيح أي طريقة لتحرير أو تعديل التغريدات حال وجود خطأ فيها، فلا يجد المرء سبيلًا دون حذفها وإعادة كتابتها. وقد أجرى ماسك استطلاعًا عبر تويتر حول مدى الرغبة في وجود زر لتعديل التغريدات، وأجاب 73.6 % من أكثر من 4 ملايين مستخدم شاركوا في الاستطلاع بنعم. واللافت أنه في اليوم التالي لذلك الاستطلاع، أكد فريق الاتصالات في تويتر أن الشركة كانت تعمل بالفعل على تطوير هذه الميزة.

إلى ذلك، يُثار تساؤل حول احتمال تأثر الخوارزمية وسياسة الخصوصية على تويتر، حيث يؤكد ماسك أنه يريد أن يجعل خوارزمية تويتر أكثر شفافية، بما في ذلك السماح للأشخاص بمعرفة ما إذا كانت تغريداتهم قد تم الترويج لها أو تخفيض رتبتها، معتبرا أن ذلك سيساعد في منع “التلاعب من وراء الكواليس” وهزيمة روبوتات البريد العشوائي.

ويرى الباحثون أن هذه الخطة أكثر تعقيدًا بكثير مما يبدو عليه اقتراح ماسك، فقد يكشف ذلك عن أسرار تجارية للمنصة.

من جهة أخرى، ليس من الواضح ما إذا كان سيتم إجراء أي تغييرات على سياسة خصوصية الشركة، إذ لم يعلن إيلون ماسك عن أي خطط للتغيير وربما يواجه ردود فعل عنيفة إذا أصبحت بيانات المستخدمين أقل أمانًا.

ويمكن القول بأن امتلاك تويتر سيتيح لإيلون ماسك التحكم في بيانات أكثر حساسية من التي تجمعها شركتا تسلا وسبيس إكس.

  • التداعيات السياسية لصفقة شراء تويتر

يتمتع تويتر بأهمية كبرى باعتباره لسان حال للسياسيين والمعارضين والناشطين، رغم أن حجم المنصة صغير نسبيًّا، فهي لا تزيد على عُشر حجم منصات التواصل الاجتماعي الأكبر حجمًا مثل فيسبوك، إلا أن لها الفضل في ظهور حركات سياسية كما تتوجه نحوها أصابع الاتهام بلعب دور في أحداث اقتحام الكونجرس في 6 يناير 2021.

وبينما ابتهج الجمهوريون بصفقة شراء ماسك لتويتر، وراهنوا على إعادة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للمنصة، غير أن ترامب، الذي دشن منصة منافسة لتويتر تسمى “Truth Social”، أعلن في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الإخبارية أنه لن يعود إلى تويتر.

في المقابل، رفض البيت الأبيض التعليق على صفقة ماسك، لكنه قال إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يشعر بقلق منذ فترة طويلة بشأن قدرات منصات التواصل الاجتماعي. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي: “مخاوفنا ليست جديدة”، مؤكدة أن هذه المنصات يجب أن تخضع للمساءلة. وتابعت “تحدث الرئيس بايدن منذ فترة طويلة عن مخاوفه بشأن قدرة منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تويتر، على نشر معلومات مضللة”.

من جانبها، رأت السيناتور الديمقراطية البارزة، إليزابيث وارن أن هذه الصفقة خطيرة على الديمقراطية الأمريكية، معتبرة أن المليارديرات أمثال إيلون ماسك يراكمون النفوذ لتحقيق مكاسبهم الخاصة، ودعت وارن المحسوبة على التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي إلى ضريبة ثروة (تقدر بـ2% على كل من تتجاوز ثروتهم 50 مليون دولار) وقواعد قوية لمحاسبة شركات التكنولوجيا الكبرى.

 

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن صفقة شراء تويتر تعد امتدادًا لاتجاه عام للمليارديرات للسيطرة على وسائل الإعلام المؤثرة، والذي شمل في الماضي استحواذ قطب الإعلام روبرت مردوخ على صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية في عام 1976 وصحيفة “وول ستريت جورنال” في عام 2007 واستحواذ الملياردير جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون على صحيفة “واشنطن بوست” في عام 2013، لكنها ستكون الخطوة الأولى من نوعها في الاستحواذ على منصات التواصل الاجتماعي.

زر الذهاب إلى الأعلى