ترجمات

حسابا ترامب وبايدن على ميزان «تويتر»

بموازاة عملية انتقال السلطة من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب إلى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، برزت عملية انتقال أخرى تجري على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أفادت تحليلات للحساب الشخصي لكل من ترامب وبايدن على موقع التدوينات القصيرة “تويتر” ارتفاعًا في عدد متابعي حساب الرئيس المنتخب في الأسابيع الأخيرة، بينما سجل حساب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة انخفاضًا مستمرًّا في عدد المتابعين.

ورغم تلك الإحصاءات يبقى حساب ترامب رقمًا صعبًا بين حسابات الساسة الأمريكيين، ومنصة مهمة لمخاطبة الملايين من مؤيديه، الأمر الذي يمثل تحدِّيًا رئيسيًّا أمام إدارة الرئيس المقبل، وجهودها نحو وضع أجندة سياسية جديدة تشكل بدرجة كبيرة قطيعة مع مرحلة ترامب في البيت الأبيض.

ترامب يفقد عشرات الآلاف من المتابعين.. وبايدن يحصد أكثر من مليون

ووفقًا لموقع Factbase الإلكتروني المتخصص في تتبع التصريحات العلنية لترامب، فَقَدَ الرئيس الجمهوري 133 ألفًا و902 متابع منذ 17 نوفمبر الماضي، في وقتٍ انضم فيه مليون و156 ألفًا و610 متابعين جدد إلى صفحة بايدن على “تويتر”.

وفي ذات الإطار، قدَّم موقع “سوشيال تراكر- SocialTracker” تحليلًا شاملًا لحسابي ترامب وبايدن على موقع تويتر، على مدى 14 يومًا (خلال الفترة من 17 نوفمبر حتى 2 ديسمبر 2020)، على النحو التالي:

أولًا: بالنسبة لحساب ترامب Donald J. Trump

  •  سجل حساب الرئيس ترامب تناقصًا مستمرًّا في عدد المتابعين طيلة تلك الفترة بلغ إجماليه 166 ألفًا و825 متابعًا.
  •  شهد الحساب خلال يومي 18 و21 نوفمبر ارتفاعًا في عدد المتابعين بواقع 8432 متابعًا و4648 على التوالي.
  •  يبلغ متوسط الإعجابات لكل تغريدة 82 ألفًا و192 إعجابًا، بينما متوسط إعادة التغريد 21 ألفًا و182 إعادة تغريد.
  •  نسبة معدل التفاعل مع محتوى الحساب بلغت 0.12%.
  •  يبلغ عدد متابعي حساب ترامب 88 مليونًا و801 ألف و653 شخصًا، بينما يقوم الرئيس الجمهوري بمتابعة 51 حسابًا فقط.
  •  متوسط التغريدات (التغريدة الأصلية وإعادة التغريد) يوميًّا 24 تغريدًا، وشهريًّا 720 تغريدة.

ثانيًا: بالنسبة لحساب بايدنJoe Biden

  •  سجل حساب الرئيس الأمريكي المنتخب ارتفاعًا في عدد المتابعين طيلة تلك الفترة بلغ إجماليه مليونًا و395 ألفًا و985  متابعًا.
  •  تجاوز عدد المتابعين الذين يستقطبهم الحساب يوميًّا حاجز الـ100 ألف خلال أيام 21 و25 و26 و27 نوفمبر، بواقع 113911 متابعًا/ 112879 متابعًا/ 163427 متابعًا/ 106201 متابع على التوالي.
  •  يبلغ متوسط الإعجابات لكل تغريدة 88 ألفًا و254 إعجابًا، بينما متوسط إعادة التغريد 6 آلاف و618 إعادة تغريد.
  •  نسبة معدل التفاعل مع محتوى الحساب بلغت 0.47%.
  •  يبلغ عدد متابعي حساب بايدن 20 مليونًا و347 ألفًا و903 أشخاص، بينما يتابع الرئيس المنتخب 31 حسابًا فقط.
  •  متوسط التغريدات (التغريدة الأصلية وإعادة التغريد) يوميًّا 4 تغريدات وشهريًّا 132 تغريدة.

ويرى برين ستيلتير، المذيع بمحطة “سي.إن.إن” الإخبارية الأمريكية أنه من المؤكد أن هذا ليس أهم مقياس في العالم، ولكنه أمر جدير بالملاحظة، أنْ نرى لأول مرة منذ عام 2015 “ترامب” يفقد متابعيه بشكل متواصل.

وعلى الرغم من أن حساب ترامب قد سجل انخفاضًا في عدد المتابعين في مناسبات عديدة منذ توليه الرئاسة في يناير 2017، فإن هذه هي المرة الأولى التي يستمر فيها التراجع لأكثر من أسبوع.

الحملة على الروبوتات وحملة لمقاطعة حساب ترامب أسباب محتملة لفقدانه متابعين

وقد رصد موقع “Snopes” لتدقيق الحقائق أربع حالات فقد فيها حساب ترامب على تويتر متابعين ليومين متتاليين، حيث حدث ذلك في يوليو 2018 وأكتوبر 2018 ونوفمبر 2018 ومنتصف نوفمبر 2020.

ولكن في كل هذه الحالات، سرعان ما انعكس الاتجاه السريع وأظهر مكاسب صافية في اليوم الثالث.

وأشارت مجلة نيوزويك الأسبوع الماضي إلى أن فقدان حساب ترامب للمتابعين يمكن أن يُعزى إلى حملة تويتر على الروبوتات (الحسابات التي لا يديرها البشر)، لكن تقلص قاعدة داعمي ترامب على تويتر تتزامن أيضًا مع حملة بعنوان  “UnfollowThePres” تهدف إلى تشجيع الجمهور على مغادرة حساب ترامب، الذي لم يتوقف عن نشر تغريدات تتضمن معلومات مضللة، فمنذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، يستخدم ترامب حسابه الشخصي على تويتر لنشر مزاعم متكررة لا أساس لها عن تزوير الانتخابات.

ويحظى حساب تلك الحملة التي أطلقها أندرو لازار على موقع تويتر بمتابعة 16293 مستخدمًا لموقع التدوينات القصيرة.

ويرى لازار أن مجتمع تويتر لديه القوة والالتزام بخفض مستوى صوت حساب ترامب عبر الحد من تضخمه بما يساعد في تقليل قوة خطابه.

وفي الوقت الحالي، لا يزال السؤال المتعلق بما سيحدث لحساب ترامب الشخصي بعد مغادرته البيت الأبيض بلا إجابة، حيث لم يتغير الخط الرسمي لتويتر في الأسابيع الأخيرة، على الرغم من اضطرار المنصة مرارًا وتكرارًا للإبلاغ عن منشوراته.

وقد أكد متحدث باسم شركة تويتر “أن نهج المنصة تجاه قادة العالم والمرشحين والمسؤولين العموميين يقوم على مبدأ أن الأشخاص يجب أن يكونوا قادرين على اختيار رؤية ما يقوله قادتهم في سياق واضح. وهذا يعني أننا قد نطبق تحذيرات وتصنيفات وقصر التفاعل على تغريدات معينة”.

أمَّا عن الحساب الرسمي لترامب كرئيس للولايات المتحدة (حساب POTUS)، فقد قالت شركة تويتر إنها ستسلم السيطرة عليه إلى إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن في يوم تنصيبه رسميًّا، في 20 يناير المقبل.

وسينطبق هذا أيضًا على نحو عشرة حسابات في البيت الأبيض، بما في ذلك حسابا زوجة الرئيس الأمريكي “FLOTUS”  والمتحدث باسم البيت الأبيض “PressSec”، وتتم هذه العملية بالتشاور الوثيق مع إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية.

حسابات ترامب على منصات التواصل الاجتماعي أداة مؤثرة في مستقبل السياسة الأمريكية

وتشير صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إلى أن الرئيس ترامب سيغادر البيت الأبيض، لكن يبقى لديه حسابات ضخمة على منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن يستخدمها لتشكيل سياسة الأمة في جميع أنحاء إدارة خليفته جو بايدن وما بعدها.

وترامب الذي خاض حملته الانتخابية الأولى في عام 2015، بينما لم يكن لديه سوى 3 ملايين متابع على تويتر و10 ملايين على فيسبوك، سيغادر منصبه ولديه مكبِّر صوت قوي فريد عبر الإنترنت -ما لا يقل عن 88 مليون متابع على تويتر، و31 مليونًا على فيسبوك و23 مليونًا على إنستغرام- ممَّا يمنحه قدرة فريدة على إيصال أفكاره إلى جحافل من المؤيدين اعتادوا على تلقِّي عشرات التغريدات منه يوميًّا عبر تويتر، منصته المفضلة.

وتمنح هذ القوة التي تم تعزيزها من خلال حملتين انتخابيتين وأربع سنوات كرئيس، الفرصة لترامب  لاستمرار تسليط الأضواء على نفسه في وقت يسعي فيه بايدن لقيادة البلاد لمرحلة جديدة، فقد يكون  من السهل تجاهل ترامب كرئيس سابق على الأقل من قبل  المناهضين لسياسته أو أسلوبه في الحكم، ولكن وفقًا للأصوات التي تم الإدلاء بها في الانتخابات، فإن قاعدة دعم الرئيس المنتهية ولايته تضم ما يقرب من 70 مليون أمريكي وهي مجموعة كبيرة جدًّا.

ويرى فيليب هوارد، مدير معهد أكسفورد للإنترنت، أن “ترامب” يغادر البيت الأبيض مع امتلاكه أكبر بنية تحتية للاتصالات المباشرة الحديثة مع المؤيدين لسياساته، مشيرا إلى أنه سيكون قادرًا على إبقاء مؤيديه في فقاعة معلومات لفترة طويلة بعد نهاية ولايته.

ويرجح هوارد أن الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين سيحتفظ بجمهور مخلص له ولأفكاره وطريقة تعبيره.

ووفقًا لـصحيفة “واشنطن بوست”، تتجاوز قدرة ترامب على جذب الانتباه مجرد أعداد متابعيه على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، فحتى منتقدوه يتفقون على أن لديه مهارة نادرة في استخدام تويتر لإثارة حوار عبر منشورات غالبًا ما تكون قاسية أو تحريضية، ولكن يصعب تجاهلها، فأسلوبه السريع، المليء بالأحرف الكبيرة المتكررة والأخطاء الإملائية، يجعل من الصعب ضبط صوته على تلك المنصة.

كما يرى باحثون أن “ترامب” يستفيد أيضًا من الحماس الذي يتحلى به مؤيدوه، إذ يشارك الكثير منهم رسائله على الفور باستخدام برنامج لإعادة التغريد تلقائيًّا.

وتقول كلير واردل، مديرة منظمة First Draft الأمريكية (منظمة غير ربحية تركز على التصدي للمعلومات المضللة)، إن البعض يستخدم حساب ترامب على تويتر كمصدر أساسي لمعرفة الأخبار.

ونوهت واردل إلى أن “ترامب” استفاد من البنية التحتية الشبكية بطريقة غير عادية، إذ بات لديه مكبر صوت خاص به وشبكة تأخذ رسائله وتوزعها في المجتمع، فترامب لا يحتاج اليوم إلى تليفزيون الواقع لأنه بات لديه أقوى شبكة اتصالات في متناول يده.

أمَّا يوشاي بينكلر، المدير المشارك في مركز بيركمان كلاين للإنترنت والمجتمع بجامعة هارفارد، فيرى أن أحد الاختبارات الحاسمة لمعرفة ما إذا كانت مكبرات الصوت الخاصة بترامب (حساباته عبر مواقع التواصل الاجتماعي) ستكون فعالة بعد مغادرته منصبه، هي ما إذا كان بإمكانه إقامة نفس التحالف الوثيق مع محطة فوكس نيوز الإخبارية، الذي استمتع به خلال فترة رئاسته.

ويشير بينكلر إلى أن معلقي فوكس نيوز كانوا يكررون باستمرار حجج البيت الأبيض، كما قام المحتوى الإخباري الذي يبث عبر المحطة بالأمر ذاته، ممَّا أعطى مصداقية كبيرة لرسائل ترامب وتضخيمها.

وقد أظهرت المحطة الإخبارية حتى الآن “ضبط النفس” في تغطيتها لتصريحات حملة ترامب بشأن تزوير تصويت الناخبين ومحاولات الديمقراطيين سرقة الانتخابات.

ختامًا.. يمكن القول إن المرحلة المقبلة في السياسة الأمريكية ستتأثر بالدور الذي يمكن أن يلعبه ترامب على الساحة بعد مغادرته البيت الأبيض، وهناك العديد من المحددات التي تجعل موقف ترامب مختلفًا عن سلفه بارك أوباما، الذي لم يلجأ إلى استخدام حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التدخل في مسار السياسة بعد انتهاء ولايته الرئاسية، فكانت مشاركات أوباما محدودة للغاية ولم تبرز سوى في الأشهر الأخيرة مع دخول حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020 مرحلتها الأخيرة في إطار مساعٍ لدعم حزبه الديمقراطي ومرشحه الرئاسي.  

لكن في المقابل، فإن وضع  ترامب مغاير تمامًا لأوباما، فهو رئيس يغادر منصبه بعد ولاية واحدة فقط، مما يفتح المجال أمام استمراره في المشهد السياسي، لا سيما في ظل تقارير تشير إلى تطلّع ترامب إلى خوض غمار السباق الانتخابي مجددًا في الانتخابات الرئاسية 2024.

زر الذهاب إلى الأعلى