تقارير

الإخوانية اليمنية “توكل كرمان”.. واجهة لتمكين الإرهاب في فيسبوك

قبل أيام قليلة أعلنت شركة فيسبوك عن تأسيس مجلس حُكماء، يَتولّى البَتّ في المضمون الأخلاقي على موقع التواصل الاجتماعي، أي أنه سيكون بمثابة “محكمة عليا” في ذلك الفضاء الإلكتروني، إلا أن تلك الخطوة أثارت عاصفةً عاتية من الانتقادات التي تلاحق الشركة، بعدما تمّ اختيار الإخوانية اليمنية توكل كرمان لعضوية المجلس، طارحةً تساؤلات كبرى حول معايير الاختيار، أخذاً في الاعتبار أن تلك الخطوة تَفتح المجالَ أمام تمكين جماعة الإخوان الإرهابية من التّحكُّم في محتوى موقع فيسبوك، بعدما فشلت مخططاتُ تكمينهم من الحُكم الفعلي في دُولٍ بالمنطقة العربية.

محكمة فيسبوك العليا.. فاقد الشيء لا يعطيه

في نهاية يناير الماضي، كشفت شركة فيسبوك عن مشروع إنشاء مجلس الحُكماء، الذي سيكون بمثابة “محكمة عليا” تكون لها الكلمةُ الفصل، في إبقاء مضمون مثير للجدل أو حذفه على منصتي فيسبوك وإنستغرام، وبعد أقلّ من 4 أشهر، أعلنت الشركة عن أعضاء مجلس الحُكماء، الذي يضمّ 20 عضواً، مناصفةً بين الرجال والنساء، ويشمل شخصياتٍ من كلّ الدول والمِهَن واللغات.

ومن المُقرّر زيادة عدد الأعضاء إلى 40 عضواً، عبر تعيين 20 عضواً آخرين العامَ المقبل، بمدةِ عضويةٍ تبلغ 3 سنوات، وميزانيةٍ للمجلس تصل إلى 130 مليون دولار.

وسَيتمكّن هذا المجلس المُستَقِلّ من إلغاء قرارات الشركة والرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ، بشأن ما إذا كان يجب السماحُ بحجب أنواعٍ مُعيّنة من المحتوى على فيسبوك وإنستغرام.

ويُمكن إحالة القضايا الخِلافية إلى المجلس عن طريق شركة فيسبوك، أو عن طريق مستخدمي موقعي فيسبوك أو إنستغرام، كما سيكون أمام مجلس 90 يوماً لاتخاذ القرار، وبالنسبة للحالات الأكثر إلحاحاً التي أحالتها الشركة، سيتمّ إجراء مراجعة عاجلة لها خلال 30 يوماً.

وفي توصيفٍ لمعايير اختيار الأعضاء، ذكرت شركة فيسبوك أن العضو لابدّ أن يَتمتّع بخبرة في مجالاتٍ مثل حرية التعبير والحقوق الرقمية، والحرية الدينية، وحقوق المؤلف الرقمية، أو السلامة الإلكترونية.

بوق الإرهاب صاحبة الماضي المُفزِع تنضمّ لحكماء الأخلاق!

وهنا يَثور تساؤل، هل هذه المعايير تنطبق على توكل كرمان؟ الإجابة قطعاً “لا”، فكرمان أبعد ما تكون عن أن تجلس في مقعد الحكم على المحتوى، إذ أنها ليست شخصية مستقلة، فالقاصي والداني يعلم انتماءها لحزب الإصلاح، الذراع السياسي لجماعة الإخوان الإرهابية في اليمن، كما أن تغريداتها ومواقفها المثيرة للانقسام، والداعمة للإرهاب، والرافضة لِتقبّل الآخر، خير شاهد على ذلك، فعلى منصات التواصل الاجتماعي أيّدت بكلّ وضوح جماعة الإخوان الإرهابية، وأعلنت الانضمام إلى اعتصام أنصار الجماعة في مصر بعد اندلاع ثورة 30 يونيو 2013، والتي أطاحت بحكم الجماعة الإرهابية، بل ووصفت المعزولَ محمد مرسي بعد وفاته، في تغريدةٍ تنعاه فيها على حسابها بموقع التدوينات القصيرة “تويتر” بأنه “نبي”!، ونَشرت صورةً له مع تعليق قالت فيه: “صلوا عليه وسلّموا تسليماً”! فكيف يكون لشخصيةٍ بتلك العقلية، وتَعتنق ذلك الفكرَ الشاذّ المضلّل، حُكمٌ على محتوى يُبثّ على موقع التواصل الاجتماعي الشهير؟!

ولطالما استغلّت كرمان حساباتِها على مواقع التواصل الاجتماعي، لخدمة السياسات القطرية والتركية المزعزعة للاستقرار في المنطقة، فهي مُجرّد بوق لخدمة الإرهاب وداعميه، وأحد الأذرع الإعلامية للتنظيم الإرهابي، إذ أَسّست بتمويل قطري يُقدَّر بنحو 30 مليون دولار، منصّاتٍ إعلاميةً من أبرزها قناة بلقيس الإخبارية اليمنية، التي انطلقت بمساعدةِ مركز الدوحة لحرية الإعلام، والتي بدأت البث في العاصمة اليمنية صنعاء عام 2014، ثم انتقلت في العام التالي للبثّ من إسطنبول، لتكون إلى جوار باقي قنوات الفتن والخراب التي أطلقتها الجماعة الإرهابية بتمويلات قطرية ورعاية تركية، والتي لا تَكُفّ عن تحريف الأحداث، وحرف الحقيقة عن مسارها، ونشر الشائعات والأكاذيب، والتحريض ضد دُول الرّباعي العربي لمكافحة الإرهاب (السعودية – مصر – الإمارات – البحرين)، وشَنّ حملاتِ تشويهٍ منظمة، وتطاولٍ وإساءة بحق قادة تلك الدول، وغيرها من الحملات الإعلامية التي تُزَيّف الوعي وتدافع عن الإرهاب.

وقد أبدت مجلة “فالير آكتييل” الفرنسية، استغرابَها من اختيار بعض الشخصيات ضمن مجلس حكماء فيسبوك، ومن بينهم توكل كرمان، التي قالت بشأنها إنّ لها ماضياً مفزعاً، مشيرةً إلى انتمائها لجماعة الإخوان الإرهابية.

وأوردت المجلة الفرنسية نقلاً عن خبراء في مكافحة التطرّف القول، إن السنوات الأخيرة أظهرت أن فيسبوك لا تَعترف بوجود صلةٍ بين الدفاع عن إيديولوجية جماعة الإخوان الإرهابية والنشاط المتطرّف، رغم أن الجماعة تَخضع للتحقيقات في العديد من الدول الغربية، وهي محظورة ومُصنَّفة إرهابيةً في العديد من الدول العربية والغربية، كما أن عدداً من قادة تنظيم القاعدة كانوا نَشِطين في البداية بجماعة الإخوان، وفقاً لصحيفة “هافينغتون بوست” الأمريكية.

انتفاضة غضب ضد فيسبوك.. وتحذيرات من دعم المحتوى المُرَوِّج للكراهية

لقد جاء حصول توكل كرمان بالتقاسم مع رئيسة ليبيريا السابقة إلين جونسون سيرليف، والناشطة الليبيرية ليما غبوي، على جائزة نوبل للسلام عام 2011، تحت مُسمّى دورها في قيادة حركة احتجاج مؤيّدة للديمقراطية، في إطار محاولاتٍ دولية لتمكين جماعة الإخوان من الحُكم السياسي في منطقة الشرق الأوسط، بعد موجةِ الاحتجاجات التي أدّت إلى تغيير عدد من الأنظمة السياسية في المنطقة.

لكنّ الواقع خيرُ شاهد على ما جَناه اليمن من وراء دعواتها، فلم يَجْنِ سوى الخراب والدمار والفوضى، التي مَثّلت فرصةً سانحة للانقلاب الحوثي، وساحةً لنشاط التنظيمات الإرهابية مثل تنظيمي القاعدة وداعش، ووضعت البلاد على حافة التقسيم.

ومع تَجَلّي حقيقة الدور المشبوه الذي تلعبه توكل كرمان، أطلق عدد من النشطاء اليمنيين في عدن، حملةً تحت شعار “توكل ليست منا.. تسقط كلّ مشاريع قطر والخونة”، ونَدّدت الحملة بالإساءة التي تُوجِّهُها كرمان “عَرّابة الخراب” إلى الدول الشقيقة لليمن، والتي تبذل كلَّ ما في وسعها لحمايته ومساندته ودعم شرعيّته، حفاظاً على الدولة اليمنية ومؤسساتها من الطامعين والمشاريع الهدامة التي تُحرّكها القوى المتربصة بأمن اليمن والمنطقة العربية.

كما أطلقت مؤسسة المرأة العربية، حملةً دولية لسحب جائزة نوبل للسلام من توكل كرمان، بهدف شرح وتوضيح طبيعة الدور والممارسات المُوثَّقة لكرمان، والتي تتنافى ومعاييرَ وأُسُسَ مَنح الجائزة الدولية المرموقة.

وعَقِب قرار فيسبوك، انتشرت ردودُ فعل غاضبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية، احتجاجاً على تعيين توكل كرمان في مجلس حكماء فيسبوك، حيث تصدّر هاشتاقا “#NO_Tawakkol_Karman” و”#حذف_الفيسبوك_بسبب_توكل_كرمان” تغريدات موقع تويتر.

واعتبر المغرّدون أن خطوة فيسبوك تُمثّل تمكيناً لجماعة الإخوان الإرهابية، من مراقبة المحتوى في المنطقة العربية، وطالبوا المُعلِنين بوقفِ الإعلانات على فيسبوك كخطوةٍ احتجاجية، كما أطلقت طائفةٌ أخرى دعوةً لمستخدمي موقع التواصل الاجتماعي، لإغلاق حساباتهم وتكبيد الشركة خسائر طائلة.

وأشار البعض إلى أن كرمان شخصيةٌ معروفة بالترويج لروايات الكراهية، ودعم الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، وهي ناشطة بارزة في جماعة الإخوان الإرهابية.

وتأسيساً على ما سبق، يُمكن رصد التداعيات المُرتَقبة لقرار فيسبوك في النقاط التالية:

إن اختيار شخصية مثل توكل كرمان في عضوية مجلس حُكماء فيسبوك، يَتناقض مع الخطاب الذي طالما تَشَدّقت به الشركة، عن جهودها لضبط المحتوى ومكافحة خطابات العنصرية والعُنف والتحريض والكراهية، وهو حَدَث كاشفٌ عن مدى تغلغل التنظيم الدولي الإرهابي.

لن يكون من المستغرب خلال الفترة القادمة، رَصدُ ارتفاعٍ لوتيرةِ المحتوى الداعم للجماعة الإرهابية، وتَمتّع عناصرها وكتائبها الإلكترونية بغطاءٍ يَسمح لهم بحرية التحرّك، فضلاً عن شَنّ حملاتِ إقصاء واستهداف حسابات المستخدمين المعارضين للجماعة الإرهابية، إذ إن المعركة الراهنة مع قوى الإرهاب والدمار والتخريب، لم تَعُد قاصرةً على ميادين وساحات القتال، فالفضاء الرقمي ساحةٌ ممتدّة ليس لها حدود، وعواقبها أشدّ خطورة.

تَوَلِّي شخصيةٍ داعمة للإرهاب، وساهمت في دمار بلدها، مَنصباً كهذا، سيكون بمثابةِ رسالةِ إحباطٍ لكلِّ صوتٍ يُكافح تلك الأفكار الظلامية، ويَفضح حقيقة تلك الجماعة الإرهابية وأذنابها، لوقف تغرير المزيد من الشباب.

زر الذهاب إلى الأعلى