الكاتبة: بينة الملحم
تابعت خبر تدشين مساعدات المملكة العربية السعودية المقدّمة عبر (مركز الملك سلمان للإغاثة) لشعب فلسطين، في إطار إعانته على مواجهة فيروس #كورونا المُستجد (كوفيد-19) في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي بلغت قيمتها أكثر من 10 ملايين ريال سعودي، تَتضمّن 12 بنداً من الأجهزة والمستلزمات الطبية، وذلك بمقرّ سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن.
ورغم أن الخبر بالنسبة لنا كسعوديين يُعتبر خبراً عادياً، لما نعهده ونعرفه من مسيرة العطاء السعودي الممتدّة منذ تأسيس هذه الدولة ومناصرتها للقضية الفلسطينية، والتي يشهد بها التاريخ، وقد دُوّنت بمداد من نور لا يمكن أن يمحوه أو يُغيِّب ضوء حقيقته أحدٌ كائناً مَن كان، ولا يحتاج إلى شهادة أحدٍ كائناً مَن كان كذلك، إلاّ أنني ولّيت متابعتي وبحثي عن الخبر شطر مواقع إخبارية أخرى، وكنت على ثقةٍ طبعاً بأن هذا الخبر لن يُذكَر في غير إعلامنا.
ورغم استمرار المملكة في عطائها اللامحدود، دعماً للشعب الفلسطيني وقضيته، تستمر في المقابل حفلات الشتم الفلسطيني للسعودية والسعوديين، وأُصارحكم قولاً – قرّائي الأعزاء – بأنني شخصياً لا أغضب من حفلات الشتم الفلسطيني، التي تصلنا ونشاهدها ونسمعها على الملأ، بصورة معلنة وبكلّ بجاحةٍ ونُكران وجحود، ولا أغضب حتى من أولئك الجاحدين الناكرين ممّن يُشنِّعُون علينا، ويُطلِقون بائسين وسوماً (هاشتاقات) على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، من أمثال #السعوديةتخونالقدس و #السعودية٩٠سنة_خيانة.
ولكنّي آسَف على آخرين ممن يَعتقدون بأنّ نُصرة القضية الفلسطينية لا تكون إلا بمعاداة وطنهم، ممن يَتناسون أو يتجاهلون تاريخ عطاء وطنهم ومواقفه التاريخية في نصرة القضية الفلسطينية، ليس بدءاً من حملات تبرّعات المدارس وريال فلسطين، وحتى تاريخ حزمة مساعدات كورونا الأخيرة، وما بينهما من المواقف السياسية الثابتة في نصرة القضية، وكأن لسان حالهم يقول: إذا أردتَ إثباتَ ولائك الأُممي، أَنكِرْ واجحد وطنَك وحَرِّض عليه، وأثبتْ بذلك إيمانَك وعدم ولائك إلا لجماعتك!
ومن المفارقات المثيرة للضحك والتأمّل في آن، إثر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نقل سفارة واشنطن إلى القدس، أن هؤلاء لم يتظاهروا أو يُهاجِمُوا الدولَ التي تربطها علاقاتٌ فعلية بإسرائيل، أو حتى إسرائيل بحدّ ذاتها، إنما اكتفوا بمهاجمة المملكة!
وقد أحسنتْ إحدى التغريدات قولاً: الإخوان يريدون وضعنا في خيار عجيب: إما وطنك أو القدس! وكأن نُصرة القدس تكون بشتم بلدك والتنكّر له، وهكذا يُنَفِّرُون الناس عن قضية القدس تدريجياً!
يعود باب الوطنية ليُفتَحَ على مصراعيه من جديد، مقابل الأممية التي تخلّقت من فرضية الصراع الذي سعى إليه أربابُ جماعات الإسلام السياسي، من إخوان وغيرهم، وهو عدم الاعتراف بالحدود الجغرافية كموطنٍ لأهل الملّة، ما يفرض تجاوزها!
إن مزاعِمَ نُصرةِ قضية فلسطين التي لا تكون إلا بمُعاداة وطنك، تُوقِعُنا في شِراك مشروع الأممية من جديد، ما يُوجِب على الجهات ذات الاختصاص تربوياً وتعليمياً وإعلامياً وشؤوناً إسلامية، مواجهة تلك الحملات “التويترية” الساعية لبعث النار من الرماد!