يخلط البعض بين مفهومي الحياد والمهنية باعتبارهما مترادفين رغم وجود فارق بينهما يجعل من الضروري التمييز بين المصطلحين، فالحياد يصعب وجوده في الممارسات الإعلامية لعدة اعتبارات منها السياسة التحريرية للوسيلة والأيديولوجيا المسيطرة عليها ونمط ملكيتها والجهات المتحكمة فيها، ولذلك تتأثر وسائل الإعلام بهذه المعطيات أثناء تناولها لأي حدث أو قضية. أما المهنية، فتُشير إلى أهمية تناول الحدث من مختلف جوانبه، واستعراض كافة الملابسات المتعلقة به، والأطراف الفاعلة فيه. وبالتالي يجب ألا يتعارض أو يمنع الانحياز التمتع بالمهنية في التناول والذي يستوجب نقل وجهات النظر المختلفة حول الحدث أو القضية.
وإذا كانت المهنية تختص في المقام الأول بالمعالجة الإخبارية، فإنها تمتد أيضًا للتناول التحليلي كما هي الحال في مقالات الرأي، إذ تسعى بعض وسائل الإعلام إلى استقطاب كُتّاب يتبنون نفس أيديولوجيتها، وبالتالي يُحللون الأحداث بالشكل الذي يخدم أهدافها، ويُقدمون رؤى ووجهات نظر تتوافق مع رواية بعينها وتتجاهل الرواية المقابلة.
وبناءً على ذلك، يمكن القول إن التناول الإعلامي المنحاز وغير الحيادي قد يتم بشكل مهني، وذلك باعتماد أكثر من طريقة، منها على سبيل المثال محاولة بعض وسائل الإعلام التمسك بالمهنية – ولو شكليًا – في تناولها المنحاز من خلال استضافة ممثلين لوجهتي النظر، ولكن مع مراعاة أن يكون أحد الطرفين أكثر تمكنًا وقدرة على عرض وجهة نظره من الطرف الآخر.
ومن أجل استكشاف مدى الحياد والمهنية التي تتمتع بها وسائل الإعلام الأجنبية، قام مركز القرار للدراسات الإعلامية بتحليل خطاب عينة من مقالات الرأي في كل من وكالتي «أسوشيتد برس الأمريكية» و«سبوتنيك الروسية» التي تناولت عملية طوفان الأقصى وتداعياتها، بهدف التعرف على الأطروحات المركزية ومسارات البرهنة واستكشاف القوى الفاعلة والأدوار المنسوبة لكل قوة وسمات هذا الدور في مقالات الوكالتين، إضافة إلى الأطر المرجعية التي اعتمد عليها كُتّاب المقالات في أسوشيتد برس وسبوتنيك.
للاطلاع على تفاصيل أكثر للدراسة التحليلية على الرابط أدناه: