ترجمات

“تيك توك” في دائرة الحرب الباردة بين أمريكا والصين

تتخذ الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، أبعادا جديدة يوما بعد يوم، فمنذ وصول الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم في البيت الأبيض مطلع العام 2017 تصاعدت وتيرة اللعب بورقة فرض الرسوم الجمركية على بضائع البلدين، ثم جاء تطبيق “تيك توك” ليكون محورا جديدا في تلك العلاقة المتأزمة بين الطرفين، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن واشنطن تسعى إلى حظر “تيك توك- Tik Tok” وتطبيقات صينية أخرى، نظرا لخطورتها على الخصوصية، والأمن القومي الأمريكي.

 ثغرتان أمنيتان فى التطبيق.. وخطة أمريكية لحظره على خطى الهند

حقق “تيك توك- Tik Tok” نجاحا فريدا من نوعه لتطبيق صينى في الغرب فهو ينافس “يوتيوبyoutube- “، و “إنستغرام-  instagram “، وكان نموه استثنائياً للغاية.

وقد أصبح “تيك توك- Tik Tok” أحد أكثر التطبيقات شعبية في العالم منذ إطلاقه في عام 2017. على الصعيد العالمي ، حصد أكثر من 2 مليار عملية تنزيل عبر متجر “أبل ستور- Apple Store” ومتجر “جوجل بلاي- Google Play ” ، وفقًا لشركة Sensor Tower لتتبع التطبيقات.

ولم تكن الولايات المتحدة الدولة الأولى في العالم التي تخطط لحظر التطبيق على أراضيها، بل سبقتها فى ذلك الهند، التي لم تقم بحظر “تيك توك- Tik Tok” وحده بل حظرت 58 تطبيقًا آخر من عمالقة التكنولوجيا الصينيين الآخرين، لكن التأثير التجاري على “تيك توك” كان أكبر من البقية مجتمعة. وهناك تقارير تفيد بأن دولًا أخرى تبحث حظر التطبيق أبرزها أستراليا.

في غضون ساعات من سماع أن الولايات المتحدة يمكن أن تحظر “تيك توك- Tik Tok”، كان مستخدمو تطبيق الفيديو القصير يشعرون بالفزع على النظام الأساسي، إذ كتب أحد المستخدمين ” لا أقبل هذا”، و كتب مستخدم آخر: “”تيك توك”هي حياتي فعليًا”.

وتلقى منشور “تيك توك- Tik Tok” حول الحظر المحتمل 17 ألف إعجاب وما يقرب من 6 ألاف تعليق في غضون دقيقة واحدة من نشره.

ويشير خبراء إلي ثغرتين أساسيتين فيما يتعلق بتطبيق تيك توك، الثغرة الأولي تتمثل في عدم اتخاذه إجراءات كافية لحماية خصوصية وأمان جمهوره الشاب، إذ تشير تقارير  في الولايات المتحدة  وتحذيرات تنظيمية في المملكة المتحدة إلى ثغرات بالخصوصية تجعل استخدام الأطفال للتطبيق في جميع أنحاء العالم عامل خطر  ما قد يعرضهم للاستغلال وسوء المعاملة.

وتعمل المنصة على معالجة هذه المشكلات، من خلال خطة لافتتاح مركز للشفافية لتنسيق وتعديل المحتوى المعروض على منصته في محاولة لتبديد المخاوف المرتبطة بالتطبيق.

أما عن الثغرة الثانية، فتتعلق بمشكلات أمنية أكثر تعقيدًا، فالتحقيقات التفصيلية الآن في الطريقة التي يعمل بها التطبيق أدت إلى ظهور مزاعم بشأن برامج التجسس وسرقة البيانات. فجزء كبير من صناعة التطبيقات يعتمد على تحقيق الدخل من بيانات المستخدم لدعم الإعلانات المستهدفة التي تصبح مصدرًا ضخمًا للأرباح.

ورغم المخاوف السابقة التي أثيرت بشأن “تيك توك- Tik Tok” قد تم تجاهلها إلى حد كبير من قبل مئات الملايين من المستخدمين الشباب في الغالب، لكن التقارير حول ثغرات التطبيق يتم مشاركتها من قبل المؤثرين ما يكسبها زخما وانتشارا واسعا ، ما يحتم على التطبيق مواجهة سريعة لهذه المشكلات.

إن الكثير مما يفعله “تيك توك- Tik Tok” أمر شائع عبر الأنظمة الأساسية الأخرى – حيث يكتسب فهمًا لمستخدميه وهواتفهم وما يعجبهم وما لا يعجبهم وسلوكهم.

ويقول المتحدث باسم “تيك توك- Tik Tok” إن التطبيق يأخذ هذه الادعاءات على محمل الجد ويعمل على إجراء مراجعة كاملة، مشيرا إلي أنهم وجدوا أن العديد منها غير دقيق أو يعكس تحليلاً للإصدارات القديمة من التطبيق والتي تكون في بعض الحالات قديمة لسنوات.

 كيانات منفصلة ضمن محاولات مكثفة للنأي عن الشركة الأم في الصين

“تيك توك- Tik Tok”، المملوك من قبل شركة “بايت دانس- ByteDance” التي يقع مقرها في بكين ، هي واحدة من العديد من شركات التكنولوجيا المملوكة للصين التي يتم التحقيق فيها من قبل الولايات المتحدة.

وقد أعربت واشنطن عن مخاوفها من أن يقوم “تيك توك” بفرض رقابة على المحتوى الحساس سياسياً وأيضا من إمكانية وصول بكين إلى بيانات مستخدمي “تيك توك”.

ويحاول “تيك توك- Tik Tok” أن تنأى بنفسها عن الشركة الأم الصينية من خلال إنشاء كيانات منفصلة خارج الصين. يقع أكبر مكتب للشركة في لوس أنجلوس ، بينما لندن هي مركزها الرئيسي في أوروبا. وفي مايو الماضى، تم تعيين المدير السابق لشركة ديزنى ، كيفين ماير، رئيسا تنفيذيا للتطبيق.

وقال متحدث باسم “تيك توك- Tik Tok” لشبكة “سى.إن.بي.سي” الإخبارية الأمريكية إن التطبيق يقوده رئيس تنفيذي أمريكي، مع مئات الموظفين والقادة الرئيسيين في مجالات السلامة والأمن والمنتج والسياسة العامة في الولايات المتحدة.

وأضاف المتحدث: “ليس لدينا أولوية أعلى من توفير تجربة تطبيق آمنة ومأمونة لمستخدمينا. لم نقدم أبدًا بيانات المستخدم إلى الحكومة الصينية ، ولن نفعل ذلك إذا طُلب مني ذلك “.

وخلال الأشهر الأخيرة تزايد الشك حول “تيك توك- TikTok” في الأوساط الحزبية الأمريكية، ففي أكتوبر الماضي، انضم زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى السيناتور الجمهوري توم كوتون في إرسال خطاب إلى مكتب مدير جهاز الاستخبارات الوطنية الأمريكية يطلب فيه بالتحقيق بشأن “تيك توك- TikTok” باعتباره “تهديدًا محتملاً ضد التجسس لا يمكن تجاهله”.

وتواصل كبار المسؤولين في وزارة الأمن الداخلي الأمريكية مع “تيك توك- TikTok” بشأن إدارة  الصين لمعلومات مضللة في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 3 نوفمبر 2020، وهو قلق يتضخم بسبب تسريبات للتوجيهات الداخلية وتصريحات من موظفين سابقين مفادها أن الشركة تراقب المحتوى بناء على طلب من الحكومة الصينية.

ولا يزال “تيك توك- TikTok” قيد التحقيق من قبل لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، والتي تبحث في استحواذ شركة “بايت دانس- ByteDance” على النسخة الغربية من تيك توك، Musical.ly ، في عام 2017.

ويستبعد خبراء مسألة تشغيل الصين للتطبيقات الإلكترونية لجمع البيانات على نطاق واسع، ولكنهم يرون أن السلطات الصينية قد تعقد اتفاقيات مع الشركات المشغلة للتطبيقات تفرض عليها التعاون من حين لآخر. ومن السهل بموجب القانون الصيني أن يطلب منهم البيانات، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وعلى هذا الأساس قد لا يرق “تيك توك- TikTok” بعد إلى مستوى “المساعدة في التجسس”، ولكن هناك أدلة كثيرة على أنه يمكن ذلك، ورغبة وقدرة واضحتين من الحكومة الصينية لتشجيع ذلك التوجه، وفقا لمجلة “نيوزويك” الأمريكية.

علما بأن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب كانت تراقب الشركات الصينية مثل “هواوى- Huawei” لسنوات وسط مخاوف من أنها تشكل تهديدًا للأمن القومي، إذ تشعر الولايات المتحدة بالقلق من أن شركات التكنولوجيا هذه يمكن أن تمرر البيانات إلى الحزب الشيوعي الصيني، وقد نفت هواوى مرارًا وتكرارًا جميع مزاعم التجسس.

 الانسحاب من هونج كونج بعد تطبيق قانون الأمن القومى الجديد

كما أعلن تطبيق “تيك توك- TikTok” أنه سوف يسحب منصته الشهيرة لمشاركة ملفات الفيديو من متاجر التطبيقات في هونج كونج.

وقال متحدث باسم التطبيق أنه في ضوء الأحداث الأخيرة (ذات الصلة بقانون الأمن القومى الجديد)، تقرر وقف عمليات التطبيق في هونج كونج، فيما ذكرت وكالة رويترز أن الشركة ستخرج من هونج كونج “في غضون أيام”.

وسوف تستمر نسخة الصينية من التطبيق تخضع للرقابة وتسمي “دويان-douyin ” في العمل في هونج كونج.

ونقل موقعُ أكسيوسِ الإخباريُّ، عن  الشركةِ المالكةِ للتطبيق، القولَ إنه قد يكونُ من المستحيل لـ”تيك توك” رفضُ مشاركةِ بيانات المستخدم مع الحكومة بموجب قانون الأمن القومي الجديد.

ويسمح قانون الأمن القومي لهونج كونج الذي أصدرته بكين وبدأت في تطبيقه، للسلطات بأن تطالب مزود خدمة ذي صلة بتقديم سجل تحديد الهوية أو مساعدة فك التشفير حسبما تتطلب الحالة.

وعلقت شركات التكنولوجيا الأخرى، بما في ذلك “جوجل- Google”، و”فيسبوك- Facebook” و”تويتر- Twitter” معالجة طلبات الوصول الحكومية لبيانات المستخدمين في هونج كونج.

زر الذهاب إلى الأعلى